لا يصح أن أكون جزء ناقص، كما أنهليس بمنصف أن أنجو، إنني أمرن نفسي على ألا أنجو، لكن هذا سخف، سأُقتل و سنحتفل ونضحك، أنا لعنة في اللغة، ثرثرتي كارثية. سأحاول أن أهبطَ بنفسي للحضيضِ حيث لاثرثرة ، في النصف الآخر من الخلود، سأبوح بكلّي لرجال يرمون حمولتهم، لرجال فيالخمسينات من عمرهم، ربما هناك رميت حمولتك هكذا قيل لي "والدك رمى حمولتههناك و اختفى"، هناك يختارون الآباء لأطفالهم البقاء، هناك حكمت علي بالبقاء.
كان يكفيني تأمل تلكالفتاة الصغيرة ذات الجزمة الحمراء البلاستيكيّة، إنني أمرن نفسي على ألا أبقى، وعلى أنّ أتأمل كلّ فتاة ترتدي جزمة حمراء تركض وتنضج. أنا أسرف في التأمل،شفتاك التي أوحت لي بنكهتها المالحة تصر على أن تهوي تحت أسناني.
منذ أن كنت صغيرة،كنت أقضم شفاهي، ويصيب فمي تقرحات، لا أزال أعاني منها حتّى الآن، منذ أن كنتصغيرة وأنا أسرف في ارتدائك، في تقمصك، وتوبيخ نفسي حين أهوي بك.
في كلّ الأحوال أناأسرف في القلق، أتذكر حين قلت لي "أنتّ أشبه بالرمان، تتجاوزين حدود الخفة،ولست مجبرة على التحليق، محاولة واحدة وستذوبين." باستطاعة أيّ أحد أن يخبرنيكم أنا لا منطقيّة، كيف ابتلعت والدي لأريحه، كيف تركت له ندبة في منتصف ظهريليتنفس منها، الهواء في جسدي ليس ثقيل باستطاعته تنشق كلّ الهواء، باستطاعتهمراقبتنا أمي وأخي من هذه الندبة المدورة ونحن نحيا له نمتص ما ترك لنا من هواء.
كانت الفتاة الصغيرةتعلّم جسدها الشبقَ والخفة. أشعر بالخجل من نضجي، كنت أخشى أن يتعرفني الجميع وأناأمارس دوري كأنثى ولا أجيده، كنتَ خائفاً من خفتي لذلك رميت حمولتك في ندبتي، أفكرفي تلك الفتاة الصغيرة كيف تلاحقها لتنضج، أتمنى في كلّ مكان أن يقذفني أصحابهخارج الباب أو النافذة، أن أتدحرج، أتعجب للآن كيف كانت تلك الفتاة تركض، قالت ليأمي مرة، بأنّها تخشى عليّ أن يتعثر أحد بي، وقتها حبست نفسي لأيّام في المنزل،كنت أتأمل الناس ككرات ثلج، كنت أقلدهم، أتدحرج من السرير لعتبة المنزل، كان جميلإحساسي بجسدّي؛ أن يتراشقني الناس من مكان لآخر، كنت أضع مصيري بين يديهم/ مريح،كنت أريح ذهني، الشعور بالأرض جميل، لنحاول أن تهبطوا معي للحضيض حيث الرجالالوحيدين حيث والدي، إنني أمرن نفسي على أن أنجو كفتاة لا كامرأة، ستسخرون مني حينتعلمون أنني أتكلّم مع غيمة بلا أرجل عبر موقع التواصل الاجتماعيّ، لكن اللعنة،باستطاعتي قراءة آلاف الكتب، لكنني أخطأت بقراءتهم جميعاً، إنني أخاف القراءة،أخاف اللغة، كلّ شيء مضطرباً، الغيمة التي تقدم لي العشاء أكلّها الصقيع،كانت أقدام الفتاة امرأة عارية. كنت أوشك على البكاء، أصبت بالذهول بعد أن تدحرجتمن السرير للعتبة ذلك اليوم في غرفتي. ما حدث لي في ذلك اليوم، أنني شعرت بضيق،بألم، بنشوة، كانت أنفاسي تتراشق.
أنا
متكورة/ممدة/مستلقية/ متشنجة/ مرتخية/ أعلو/ أختفي/ أظهر/ أنكمش/
تخدرت...
الجميع يتراشقني،أعجبني ذلك، لم أكن أثرثر وقتها، كانت البقع الزرقاء هنا وهناك، أسفل ركبتي، شعرتبكدمة عند خدّي الأيسر، أقدام الفتاة في الجزمة الحمراء امرأة عارية، اللعنة كم كرهت الفتاة الناضجة، اللعنة كم كرهتها يا والدي كرهت نضجها الجنسي قبلأوانه. كنت أمارس الحب الخالص/
-من أين جئتِ؟
-سأموت عما قريب،صدقوني. وسنضحك جميعنا.
أقضم شفاهي لأزيدالألم، في وسعي أن أعرف أن كلّ ألم محتمل ، حمراء، زرقاء، سأفعل ذلك، هل تستمعونلي؟ عندها سأنفجر ضحكاَ، بكاءً، صوتي مرتعش، رقيق، الخفة، اللعنة، كم أنا فضولية،كم أنا خفيفة، كم كنت خائفا يا والدي لم أكن محتشمة، كنت كأقدام الفتاة ذات الجزمةالحمراء، عنيفة و لطيفة ، ألتصق بالأرض لأقفز خفيفة، كان المارة خجولين من سذاجتي،لن يدهشني بأنهم يقضون وقتاً ممتعاً. ثم تراشقوني مجدداً. كانوا يتسلون كثيراً، كمأشفق، كم هو مفزع الثلج، مخيفة هي رغبته الملحة في التشكلّ، أنا اللا شكلّ.
رأسي خفيف، منهم من يراقبني،ومنهم من كان ينظر في شاشته الفضية غير منتبه لوجودي، كنت حجراً، أتراشق هناوهناك، سلحفاة، ورقة، كنت لا شيء، كنت كلّ شيء، "كم أنتم حمقى"، قلتلهم، سأحاول أن تهبطوا معي للحضيض، أكره انتصابكم، يا من لا أجيدكم أنا ندبة فياللغة، أنا نهد والدي، جعلت طفلتك يا والدي جزء ناقص. ولا يصح أن أكون جزء ناقص.
___________________________________________
** هديل انديوي - كاتبة سورية
* اللوحة من أعمال الفنانة السورية "دارين أحمد".