ساحراتي التعسات، قشِّرْن السقف كلّه، اخْرُجن، وتعالَيْن إليَّ الساعة، تكتّلْن عليَّ، خبِّئْنني، الكُزْنني بقضبانكنَّ الرُّمانية الملعونة، ولترمِ كلّ منكن عليَّ تميمةً أو أكثر .
غطّينني بعيونكن الجاحظة وأسنانكنَّ المدببة، زمّلْنني بقلوبكن التي تألف الوحدة والقسوة وتتخذ من حُلْك الليل مسكناً، والترحال في بهيمه وطناً، كنَّ لي عَوَضاً عن ملاكيّ المتعبَين، احمِلْن عنّي ثقل قصر (آشر) الذي لا أعرفه، وبيتنا الريفي البارد البعيد.
طِرْنَ بي حيث السماء السابعة سمحةٌ، لا تقذف الملعونين أمثالنا بشهبٍ ونيازك حارقةٍ، صمّاء.
ساحراتي الحنونات، المجنونات، ارفعْنني، فلتحمل كلّاً منكن إصبعاً، دعْنني أمسّد سطح بحارٍ لا أعرفها، دعنني أربّت على أكتاف عاثري الحظ، لا أريد أن أعرف قصة أيٍّ منهم، لا جَلَد لي، أريد فقط أن أشاطرهم الأسى، أن أكسره أنّى كان، أقتحم عليه مواطنه في النفوس الهشة والقلوب المتعبة، احملْنني.
خُذْنَني.
فلتعد كبكوباتي الزرقاء الفاترة إلى زواياها المعهودة، فلتقف أشباح الصور ثابتةً وليبقَ صدى الأصوات بلا حراك، فلتثبت النصوص واللوحات جامدةً، ساحراتي الحنونات أخْرِسْن كلّ شيء، وعُدْن إلى حيطانكن المتهالكة قبل أن تشقَّ الشمس صدر ستائري وصدري.
لا تتبع سرابي الملعون، كُن أنت الخيال الهارب، التهيّؤ الفاتن الذي أبكيه بخوفين، خوفاً من فقدانه والثاني من امتلاكه، فلتكُنْ حلماً مهدوراً، ضوءً وحشياً، بعيداً.
لا تذرْني ورقةً تحمل عنواناً، لا تختصرني بجملةٍ ولا بساعة، لا تسُمني بلقب.
دع عنك قلقك الارتوازي، دع عنك ما خبِرتَه سابقاً، انظر إليّ بعين الوقت والفناء، داعب حساسيتي المفرطة ببؤبيك التعِبَين، اقرأني دون أن تحيطني باسمٍ.. اقبلني أنيساً لساعة حزنك، ساعداً قوياً تتعكّز به يوم الشدة، لا حبيباً، لا صديقاً، لاوهماً.
كما قبلتُ صوتك سلاماً.
كُن كما أنت.
الصُّدَفُ رعناء، وكذلك أرضنا، مائلةٌ بحزن، تجعل قلوبنا تنصاع للطالع، ميمّمة الفضاء، متسائلةً أين تكمُن رحابته، أين ؟
____________________________________
** زين صالح - كاتب سوري.
* الصورة من مسلسل (American horror story)