17 Jan
17Jan

ابتدعنا أجراسًا لآحاد بلادٍ بعيدة

طبولًا مفخوتةً لحروبٍ تأتينا خلسةً

صنوجًا لأوهام انتصاراتنا

قلوبًا لتقرعوها كلّ يوم

أنتم الّذين تهربون دائمًا قبل أن نفتح.

/

لم أكن يومًا فتاةً تقضم أظافرها

غدًا أقصّها كي أعزف على البيانو

من قال إنّ الموسيقى ليست أحد أشكال النّدم؟

/

هل أحدّثكم عن المرأة التي صارت ترسمُ بعد أن قتلوا ابنها؟

هل أقول إنّها صارت ترسم ابنها؟

حتّى الحزن لم يعد بالأبيض والأسود.

/

"لم ينجُ أحدٌ سواي"

صرخ آخر رجلٍ في المدينة

إذًا لا أصدقاء يغشّون في لعبة الورق

لا امرأة تنكر حبّه

لا كرات يضربه بها أولاد الحيّ

لا ربّ عمل مقيت

لا خطط لوضع أهله في مأوى عجزة رخيص

لا ديون

لا مشاجرات

لا شيء

..

قال: لم أعد وحيدًا

وراح يضحك عاليًا

اللعنة.. من سيطلق النّار على رأسي الآن؟!

/

لستُ الحكاية

ولا الولد الّذي وقع في البئر

لستُ حياته الّتي صارت لها سماء مدوّرة

لستُ جرحًا في ركبته

ولا صدىً لصراخه.

أنا القربة الّتي لم يعد يحتاجها

القربة الّتي رُميَت عند عتبة الحكاية

ومازالت ترشح ماءً.

/

حياةٌ مؤثّثةٌ بالجثث:

رؤوس الأيائل على جدران بيوتٍ غامضة

حقائب الأثرياء

فروةٌ تلفّها جارتنا حول عنقها القصير

ورودٌ يقدّمها لي حبيبي

أيّامٌ تسفَح وصولًا إلى ذلك اليوم

اليوم الّذي نستيقظ فيه ونكتشف أنّ كلّ ما حولنا حيٌّ جدًّا

ونحن الجثث المعلّقة في الفراغ.
____________________________________
** نسرين أكرم خوري - كاتبة سورية
* الصورة من فيلم (المرج الباكي - The weeping meadow) 


تم عمل هذا الموقع بواسطة