" ماذا لو كنتُ طِفلاً في مكانٍ ما "
وأَثَري ها هُنا ..
صوفيٌّ من الدراويش، حَمَلتُ السَلامَ خَلاصاً لي، ومَشيتُ في الأرض بقلبٍ سَليمٍ نَقيّْ، وكانت الأرضُ قد صارَت جَحيماً، وكُنتُ قد دَخلتُها بِسلامٍ فَدُهِشتُ ثُمَّ أُنهِكتُ ثُمَّ تُهتُ ثُمَّ جُنِنتْ, ثُمَّ َبأيِّ عَذابٍ تَحيَون صَرَخْت.
" ماذا لو كنتُ طِفلاً في مكانٍ ما "
وأَثَري ها هُنا ..
شَهيداً ليس إلّا, وكنتُ قد رأَيتُ أُناساً يُدفَنونَ تحتَ التُراب وأُناساً يَرقُصونَ فوقَ التُراب، ورَأَيتُ الأَرضَ صارَت بَحرَاً واللَونُ أَحمَر، ورَأَيتُ أناساً لا يَسمَعونَ ولا يُبصِرون يَسكُبونَ ماءاً على جَسدي العاري ويَسأَلونَ عن سبَبِ مَوتي وأنا بينَهم حَي، وحقيقةً ما رَأيت، مُتُ كَثيراً وعِشتْ، فَصِرتُ شهيداً بِما وعلى ما رَأيت.
" ماذا لو كنتُ طِفلاً في مكانٍ ما "
وأَثَري ها هُنا ..
حالِمٌ كَونيٌّ يَأسُرهُ هذا العَدمُ الوجوديُّ الدُنيَوي ويُحرِّرُهُ حُلمْ، وكُنّا صِغاراً نَرى ما رَأيناه، فنَتعلَّمُ ولا نَعلَم، وجُلَّ ما أرَدناهُ أَن يَزدادَ العَقلُ والقَلبُ نُضجَاً كَي يَكتمِلَ الأَثَر، ثُمَّ صِرنا باحثينَ عن الخَلاص، غَيرَ أنَّ كُلاً منّا يَبحَثُ عن خَلاصِهِ بشَكلهِ الخاص، وطَفراتٌ كثيرةٌ مِنا وَهَبَتنا السلاَمَ خَلاصاً، فكُّنّا نحنُ مَن أَحرَقناها بجحيمِنا ونَحنُ مَن أَعدَدنا لَنا العَدَمْ، حتى صِرنا نَلهَثُ باكينْ وَجُلَّ ما نُريدُه أن يَنتهي الأَلم .
" ماذا لو كنتُ طِفلاً في مكانٍ ما "
ولا أثَرَ لي هُنا ..
وكانَ هذا الوداعُ خفيفٌ على الكَون كَحُلم، ثَقيلٌ عَليَّ كَجَبل.
" ماذا لو كُنتُ الخلاص لنفسي، إذ بقيتُ طِفلاً في مكانٍ ما ومَحَوتُ ما تبقّى مِن الأَثَر "
____________________________________
** باسل حسن - كاتب سوري.
* اللوحة للفنان السوري "يوسف عبدلكي"