ليس جديداً حين أقول كلاماً يشبه الحب ويكون وحدكِ، وليس ختاماً كلّ هذا، يا من تجيدين مواربة الأبواب وتسليط الفوهة نحو القلب، وتكون دائماً رصاصة حب، ولا قتل.
في البدء لم يكن يعني لكلانا أي الأمور نفعل، كانت مجرد محاولة لقتل اليأس بأن غداً مشرقاً ينتظرنا، بحثنا في القبح كلّه، نحن الذين نكره هياكلنا التي لا تفرغ من الشتم، نكره بصاقنا نحو الكلّ ونكيل لأنفسنا مهانات النفس الذي يجبرنا على البقاء في كلّ هذا الجحيم ونصمت، بعيداً عن الموانئ، وأحجيات البحر الايطالي البعيد.
قد أكون مقلاً في الرؤية الحقيقية لما فعله "تورناتوري" في صقلية، وروما "فيلليني" وجنون "بينيني"، حقيقة أعرف الأسماء ولا أعرف مثلك أي الحب الايطالي يمكن منحه من عيون فتيات الجزر وصمت قتلة باليرمو المأجورين أو خصر الراقصات والسكارى في باريا أو قرب الرمال التي ننتمي لها.
يُضل البعض الطريق حين تلتقي الأحزان القاتلة، ثمة تكديس في القلب لأحزان نعرفها جيداً، نعتقها في الحقارة التي نعيشها، فترشح في كل يوم أصوات حزننا التي أسميناها لفرط الحب "أصوات العراق"، غصة دجلة التي جلبت لنا كل هذا الجمال، تعود في كل ليلة أنّة الغزالي أو صوت داوود الكويتي وسيتا هاكوبيان، حزن أحفاد الحزن والحب.
يا قريبة ولا غيركِ قريب، البارحة حين طرقت رائحتك، مع الزيت والتفاصيل التي تؤسس للدفء، تعرشت على القلب دالية عنب جبلية، ألف نغمة ناي ضربت الأذن برفق، حقيقة لم أكن أعرف قبلاً أن هدهدة الأرواح هكذا، وترانيم الأمهات الحبيبات يمكن أن تعيد للعمر هيكلته البسيطة، كائن دفء يصبح كلّ من يعرف أن الهدايا لا تقاس بالقيمة، بل تقاس بأي الدمع نذرفه حين الحب.
إلى فتاة الشاي أبو الهيل، وصحوة الأيام كلها، من تعد لي الحياة كرغيف الزعتر قبل المدرسة، للتي نسيت أن أقاسمها قبلاً في طفولة تربطنا لو في الخيال حصتي من الزاد، وأن أغار كما يغار أولاد السابعة على حب لا يجيدون تعريفه إلا أنه أنقى من قبل الكتب اللعينة والتي نتغنى بها، إلى المتة كل يوم، والخطوات الجميلة ودربنا نخطوه معاً، تارة لحب، بحب، وعلى حب، كما يمكن لكل حرف جر سحبنا نحو سعادة الرمال التي تنتظرنا.
___________________________________________________
** محمد حاج حسين - كاتب سوري.
* اللوحة من الانترنت