أريد أن أذهب أبعد من ذلك، أن أعد أصابعي كل ليلة فأجدها تتزايد في كل مرة تتضاعف بشكل غير منتظم، وأضحك.
أرغب أن أحس مرة أخرى أنّي أطلق كلماتي نهراً رقيقاً من دون أن أفكر ولا أقف على حرف منها، ولو لبرهة وأضحك من نفسي.
أتذكر أنّي مرة رقصت دون توقف، بقيت أرقص أياماً دون توقف، وحين انتهيت أو ربما أثناء رقصي، بحثت عن يدي فلم أصلها، شعرت أنّي أضمر وأضمر وأضحك.
-
أعرف جيداً معنى أن تشعر أنك أصغر وأن جسدك الدافئ تمرد عليك وأن إلهاً صارخاً يثور داخلك ويدفعك لتتساءل كيف، فتتوقف وتخبره أنك بلا شك تحب وتضحك لأنك لا تعرف كيف يكون الحب لكنك تقول أنك تعرف ذلك الشعور جداً.
إنه التواء الذاكرة حين تحاول تذكر المكان الذي فقدت فيه يدك فقدت فيه جزءاً أساسياً منك.
أبعد من ذلك كله أذهب فأبلغ ليلةً واحدةً لا تشبه أخرى، ليلة لا تشيخ أبداً، وهنا للأبد معنى أصر على ارتكابه وكتابته رغبة مني في وجوده وجوداً خالداَ.
لا أعرف كم سأعيش، لكني حين أفكر في تأريخ تلك الليلة الخيالية يهيأ إلي أنّني سأقول مرة أنّني عشت تاريخاً، دهراً كاملاً فيها ومرت عليها سنوات لا عدد يحتويها.
حين ستقترب مني للمرة الأولى ستشعر برائحتها تعبق بي.
أنا أخاف حقاً هكذا سأجيب حين تسألني، أخاف فأنا تمردت في خيالي وطفت دنوت منه واحدة وارتفعت كلاً غير قادر على عد المسافة بين طوفتين.
سأقول لك أنّني أخاف عليك مني، أخاف أنا الكل الجامح، أخشى أن أجتاحك بمساحات الخيال، فأتعب عندك كما أفعل دائماً حين أصل منهكة وأرتمي غير واعيةٍ وأضحك دون توقف.
صوتي يرن بعيداً ويعلق مستقراً سأعترف أنّني لا أملك سوى صوتي، وأنه تناثر فوق حجر عند زاوية زقاق، لا يعبر، وبقي وحيداً ثملاً يتأرجح بأطراف قمصان الغرباء كلهم، ولم يبق لي منه إلا قلة.
سأرجوك دعه لي أريد أن أضحك.
________________________
** بيترا جومر - كاتبة سورية.
* اللوحة (water serpents) للفنان "غوستاف كليمت".