كل شيء من حولي متغير الحجم
بداية بدأت أكبر و أنمو ..
يتغير طولي، يزداد وزني، تبلغ ملامحي الأنثوية، هكذا قيل لي ..
بداية كان كل شيء يصبح أصغر، حذائي المفضل، قصص العربي الصغير، حلقاتي المفضلة من مسلسل أشاهده على "سبيس تون".
حجم كل شيء بات أصغر قياساً، أمي قد أصبحت أقل أقل حجماً.
قبلاً كنت أراها أكبر شخص في العالم، لا أحد يمكنه هزيمة أمي.
-اكتشفت لاحقا أن للفقر و الغربة قوة الأشرار مجتمعين-
ظللت أكبر حتى ظننت أنني حين سأبلغ الواحد و العشرين سأكون أطول من كل أقربائي.
سيصبح حديثي مثل مقدمات نشرة الطقس، لن أبكي على الشاب القديم لن أخاف الأصوات العالية ولن أعاني من آلام المعدة الناتجة عن الفقدان أو الهجر أو البهارات الثقيلة.
سأكون أكبر فتاة بين الفتيات ..
أكلت كل تفاحات الصباح التي أوصيت بها
قرأت كل القصص ، عددت الخرفان مثلما عددت اطفال المجزرة الاخيرة و أحببت الوطن أكثر .
حفظت الشعارات ، رفعت يدي واعدة أن أكون (مستعدا دائما) كل يوم
لكن طولي لم يزدد، لم أصبح أطول ولو سنتميتراً واحداً، أو بت أقصر قليلا من كل إخوتي .
صوتي يُكتم حين أكون في أمس الحاجة إليه.
و يقصر نفسي كلما مرت أمامي صورته، صورته التي لا أراها.
كل جدران الوطن تعلو علي، لا أرى ضوء الشمس أو وجه الصديق المهاجر لبلد نسميه بلداً شقيقاً لنعزي أنفسنا في الفراق.
لا أرى إلا جدرانا أعلى من جبيني .
يكبر خوفي على كل ما أملك من حجم ال(small).
راجعت الطبيب ، قلت له "آلام المعدة تكبر ،و التقرحات تاكل جلدي ، أو قلبي حد سواء"
كل جرح وكل حبيب يصبح أكبر مني.
- ظلي أكبر مني -
المطربون الذين أهداني أغانيهم صوتهم انحال كالصراخ في اذني، وأسكن بي حزن العراق، ولو على أحجام ليست بمثل حجم حزنهم.
كلما أخذ أحدهم بيدي تهت معه ، لا يجب ان نصادق الغرباء أصحاب الحلوى أو الذاكرة السيئة للحبيبة الأولى و الانفصال الأول.
والحنين ثقيل .. أثقل من وزني بكثير.
كلما اشتقتك أصبح أصغر و أصغر كالأقزام.
كلما أحببتك أكثر يكبر قلبي، و يصيبني تضخم في تدفق الدم، أضيق على نفسي كل مرة ،
و يكبر مقاس قلبي علي .
____________________________________________________
**اليسار الصايغ - كاتبة سورية.
* الصورة من الانترنت.