يعرف هاياو ميازاكي وصانعو الرسوم المتحركة في استوديو (غيبلي) برسوماتهم المتحركة الغنية بالتفاصيل. بدءاً من الرسومات, وانتهاءً بالقصص, يمكنك أن تتوقع أن استوديو غبيلي سيقدم تجربة فريدة مختلفة كل الاختلاف عن أي فيلم رسوم متحركة آخر. و من الملاحظ أن أفلام ميازاكي تجري في أوساط متنوعة وتبدو وكأنها تحدث في عوالم مختلفة تماماً. ولكن, ماذا لو قلت لك أن هذا ليس صحيحاً؟ ماذا لو كانت جميعها تحدث في كون واحد, وتمتلك خطاً زمنياً مشتركاً خاصاً بهذا الكون؟
ملاحظة: إن هذه مجرد نظرية مبنية على الملاحظة و إيجاد أفكار وتوجهات من الممكن أن تمثل ربطاً بين الأفلام. وهي ليست مثبتة من قبل استوديو غيبيلي. ثانياً, إن هذه النظرية لن تشمل قلعة كاغليوسترو (1977), خدمة توصيل كيكي (1989) أو قلعة هاول المتحركة (2004), إذ أن هذه القصص ليست من ابتكار "هاياو ميازاكي" وإنما وظفت من قبله كسيناريو لفيلم.
لكي نتمكن من فهم هذه النظرية, علينا أن نقسمها إلى نوعين من الأدلة: أدلة مبنية على الإشارات الزمنية, وأدلة مبنية على مواضيع أو عناصر ثابتة ضمن الأفلام (على سبيل المثال الأجسام الطافية). وبما أن الأدلة الواضحة تكمن في الإشارات الزمنية, فلنبدأ من هناك. إن أفلام هاياو ميازاكي التالية تمتلك إشارات لفترة زمنية محددة مرتبطة بها جميعها :
الفترات الزمنية للأفلام
باركو روسو (1992)
أشار هذا الفيلم للتواريخ ضمن الحوار بالإضافة إلى تعريفنا بالفترة الزمنية من خلال الارتباطات التاريخية بالحرب الإيطالية. إن "باركو" مطلوب من قبل إيطاليا بتهمة الخيانة في فترة ما بعد الحرب. ونحن نعلم من التاريخ, أن الطائرات استخدمت لأول مرة في المعركة خلال الحرب العالمية الأولى ( أو الحرب العظمى), في عام 1915. ولكن هذا لا يعني أن أحداث فيلم باركو روسو تجري في عام 1915. حيث يتم الكشف عن الدليل القادم عندما يذكر "بوركو روسو" لـ "الشرطة الفاشية السرية". إن الشرطة الفاشية السرية تشير إلى الدمار الذي ألحقه موسيليني والاضطهاد السياسي من خلال العمالة السرية للشرطة, مما أدى إلى تورط إيطاليا بالحرب العالمية الثانية. إن هذه الحقائق تدرج فيلم بوركو روسو في الفترة الزمنية الموافقة لاستلام موسيليني للسلطة والتحول السياسي في إيطاليا الذي أودى إلى الحرب العالمية الثانية.
الرياح تعلو (2013)
من بين جميع الأفلام, فإن هذا هو الأسهل في تحديد فترته الزمنية. إذ يمثل هذا الفيلم وثائقياً عن حياة "جيرو هوريكوشي", كبير المهندسين لطائرة ميتسوبيشي زيرو المقاتلة . لذلك فإنه من السهل أن نضع إطاراً زمنياً للفيلم. تأخذ أحداث الفيلم مجراها ابتداءً من طفولته وحتى موته, مما يعني أن الفيلم يندرج زمنياً بين الثاني والعشرين من يونيو 1903 حتى الحادي عشر من يناير 1982 (إلا أننا لا نرى أي إشارة لفترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها, إلا من خلال الذكريات التي يشير إليها جيرو). وعلى اعتبار أن هذه الأحداث كانت جوهرية لفترة الحرب العالمية الثانية, يمكننا القول أن أحداث هذا الفيلم تجري بين 7-22-1903 و 9-2-1945.
الأفلام غير المستندة على أحداث تاريخية.
إن محاولة اكتشاف الفترة الزمنية التي تجري فيها الأفلام القادمة أكثر صعوبة. في حين أننا نسطتيع أن نحدد حقبة زمنية عامة بناءً على تفاصيل صغيرة, فإننا لا نستطيع أن نقول بفترة زمنية محددة لهذه الأفلام لأنها خيالية بالمطلق ولا تتضمن تفاصيل محددة بشدة تمكننا من استنتاج الفترة الزمنية لها. ومع ذلك, ثمة أدلة في الأفلام يمكنها أن تساعدنا في تحديد فتراتها الزمنية:
لا يملك هذا الفيلم خلفية تاريخية على الإطلاق. كيف بوسعنا إذاً أن نحدد فترته الزمنية؟ حسنا,ً إن هذا بسيط. وكله بفضل هذا التفصيل المحدد:
إن السيارة (من الصورة) دليل واضح جداً, إذ يبدو لنا نوعها (أودي). إذا فهي مركبة ذات أربع عجلات, وبالنظر أيضاً إلى نوع السيارة, يمكننا أن نحدد النموذج الدقيق لنوع السيارة. إن هذا النموذج هو 1996 A4 المنتج من شركة أودي. لا يعتبر هذا دليلاً كافياً لكم؟ حسنا, إذا شاهدتم المؤثرات الخاصة في نسخة ديزني الـDVD, فستلاحظون أن مهندسي الصوت في استوديو غبيلي, ولكي يجعلوا الصوت مناسباً للمشهد الذي تقود فيه العائلة السيارة عبر الغابة, قاموا بتسجيل الصوت من داخل سيارة A4. ولماذا يعتبر هذا مهماً لنا؟ حسنا, لكي نستطيع أن نستعمل ذلك في إطار الجدول الزمني للأفلام, إن هذا يعني أن أحداث فيلم المخطوفة لا يمكن أن تأخذ وقتا قبل فبراير 1996, الوقت الذي تم فيه أصدار هذا النموذج من السيارة للسوق.
جاري توتورو (1988)
مرة ثانية, لا يسعنا أن نضع إطاراً زمنياً لهذا الفيلم بناءً على القصة وحدها. ولكن يمكننا أن نستعين بفيلم المخطوفة لكي نتمكن من تحديد الزمان في هذا الفيلم. سوف أشرح لكم, ولكن علي أن أحذركم, ثمة معلومات وشيكة قد تفسد عليكم مشاهدة الفيلم. في فيلم المخطوفة تخبر "سين" "هاكو" أنها أوقعت حذاءها عندما كانت صغيرة في النهر وأنها كانت على وشك الغرق وهي تحاول أن تستعيده ولكن "هاكو" قام بإنقاذها. الآن فلنعد إلى فيلم "جاري توتورو", حينما هربت ماي عند معرفتها بخبر أن أمها لن تعود من المستشفى قريباً. أثناء بحث "ساتوسكي" عن أختها, فإنها تصادف جماعة من الناس الذين يخبرونها بأنهم عثروا على حذاء في النهر, وللحظة, يتساءل الجميع فيما إذا كانت ماي قد غرقت في النهر. ولكن يتم العثور على ماي سالمة وينقلهم (القط الباص) إلى أمهم كي يروها. إن ماي لم تصب بمكروه, ولا يعود أحد إلى ذكر هذا الحذاء مجدداً. لمن كان هذا الحذاء؟ حسناً, إننا نعرف شخصا آخر أضاع حذاءه في النهر, إنها سين! إن هذا يعني أن أحداث فلمي "جاري توتورو" و "المخطوفة" يجريان تقريباً في فترتين متقاربتين, مما يجعل الفترة الزمنية لفيلم "جاري توتورو" في التسعينيات أيضاً !
بونيو (2007)
أظن أن هذا الفيلم يحتوي على أقل الأدلة. ولكنه يتضمن بعض الأشياء التي بوسعنا ملاحظتها والوصول إلى استنتاج عبرها. إن مظهر البيوت وتصميم دار العجزة والسيارات (قبل أن يغمرها الماء), يمكن أن يضعنا أيضاً في التسعينيات وفترة الألف الثانية. إلا أن هذا الفيلم جوهري في هذه النظرية. ولكن هذا سيأتي لاحقاً.
الحياة السرية لأرييتي (2010)
مرة ثانية, ليس ثمة شيء محدد يشير إلى الفترة الزمنية للفيلم. ولكننا نرى في الفيلم كهرباء, هواتف, برادات, وأفران كهربائية مما يضع الأحداث في الفترة من الثمانيات وما بعدها. ولكنني, وبغاية التبسيط, سأضع هذا الفيلم في أبكر فترة ممكنة. إذاً, ولنستطيع أن نستمر في هذا الافتراض, لنضع هذا الفيلم في فترة الثمانينيات.
الصلات المرتبطة بالمواضيع
في الأفلام الثلاثة القادمة يصبح الخط الزمني مموهاً بشدة, وسنستعين بالنظريات هنا أكثر من الأدلة
الأميرة مونونوكي (1997)
هنا تبدأ الأمور تصبح غريبة. بالنظر إلى الاستخدام البدائي للأقواس والسهام من قبل معظم الشخصيات واعتبار المدافع المعدنية اختراعاً ثورياً, فلابد أنكم تعتقدون أن هذا الفيلم ينتمي إلى الماضي, صحيح؟ حسناً, إن هذا الفيلم جزء من الاستنتاج الكلي للجدول الزمني وهو يمثل الأحداث التي ستقود لاحقاً إلى فيلم "ناوسيكا من وادي الرياح". وهو أول جزء من مرحلة المستقبل.
لابوتا (1986)
إن هذا الفيلم عبارة عن حكاية من القصص الخيالية للألات البخارية والتي تتضمن مركبات طائرة فريدة, وبنى طافية في السماء. يمكن لحكاية الآلات البخارية تلك أن تنتمي لأي زمان, ولكننا, ضمن بناء هذه النظرية, سنعتبرها الجزء الثاني من مرحلة المستقبل.
ناوسيكا من وادي الرياح (1984)
إن هذا هو الفصل الأخير (قد يبدو هذا مضحكاً على اعتبار أن هذا أول فيلم لميازاكي مع إستوديو غبيلي). نرى في هذا الفيلم تقنيات متطورة, كما في فيلم لابوتا, مما يضعه في خانة أفلام الخيال العلمي. ولكن لكي ندخل في تفاصيل إدراج هذا الفيلم على الجدول الزمني, علينا أن ننتظر إلى أن نصل للقسم الذي نفصح فيه عن النظرية.
الجدول الزمني ( فيما يلي الكثير من المعلومات التي قد تفسد عليك مشاهدة الفيلم فيما لو لم تشاهده بعد)
بما أننا استطعنا وضع جدول زمني للأفلام, فلنناقش معاً الخط الزمني لأحداث هذه القصص. إن الترتيب الزمني للأفلام وفقاً لهذه النظرية كما يلي:
عندما تبدأ الأرواح واليشر بالتفاعل مع بعضها
أراهن أنكم متحرقون لمعرفة القصة. حسناً, ها هي ذا. يبدأ كل شيء بالبرهان على وجود الأرواح والقوى الخفية, في قصة باركو روسو, الذي يعاني من لعنة تجعله يحمل وجه خنزير, إلى أن يتعلم ألا يتصرف كخنزير. بالتزامن مع ذلك, تجري قصة جيرو لتقود إلى أحداث الحرب العالمية الثانية. صحيح أن ذلك لا علاقة له بتتالي الأحداث, ولكنه يبين لنا أننا في خط زمني حيث الأرواح والأشياء الخارقة للطبيعة ممكنة. تعبر هذه النظرية عن نفسها في فيلم الرياح تعلو من خلال تشاطر الأحلام بين جيرو وكابروني. لننتقل قدماً الآن إلى حياة أرييتي السرية, حيث نرى لأول مرة, البشر والأرواح يتفاعلون مع بعضهم البعض بوضوح من خلال تفاعل أريتتي وشاون مع بعضهما, وكيف أن بمقدور البشر التأثير على الأرواح. دعونا نتقدم في الزمن مجدداً إلى أحداث فيلمي جاري توتورو والمخطوفة, حيث نرى بالمقابل كيف أن الأرواح تؤثر في حياة البشر. نلاحط أن بعض الأرواح ذات نوايا طيبة (على سبيل المثال: توتورو, كاماجي, لين, وهاكو) ولكننا نرى أيضاً أرواحاً ذات سلوك خبيث مع البشر (على سبيل المثال: بلاوجه و يوبوبا).
بونيو وبداية النهاية
صدقوا أو لا تصدقوا, إن هذه الحكاية البريئة ذات أهمية كبيرة في هذه القصة المخيفة بل هي في الحقيقة بداية مد زمني طويل سيقود في النهاية إلى دمار البشرية المحقق. وكل الشكر في ذلك يذهب إلى هذا السيد هنا:
إن هذا الرجل هو فوجيموتو, والد بونيو, والذي قام, اعتقاداً منه بأن ابنته قد اختطفت, بإرسال أمواج هائلة وإغراق معظم المدينة بالماء. إن البعض قد يرى ذلك نبيلاً, والبعض الآخر متهوراً, ولكن برأيي كان ذلك مروعاً. لاحظوا أنه وبرغم أن هذه القصة تحمل نهاية سعيدة إذ يصبح بونيو إنساناً ويبقى إلى جانب سوسوكو, ولا تصاب أم سوسوكو ولا أي من النساء العجائز بأذى, إلا أن مستوى المياه يبقى على حاله. لكي نوضح ذلك : إن معظم الأراضي , باستثناء التلال العالية حيث يعيش سوسوكو, غمرتها المياه. وبما أن هذا الفيلم مخصص للأطفال, فبوسعنا أن نستقرئ أن هذا الفعل المتهور الذي قام به فيوجيموتو قد تسبب بموت ملايين الناس. علاوة على ذلك, ليس من المحتمل أن تكون المنطقة التي غمرتها المياه معزولة, لقد شمل ذلك العالم بأسره. إذا فإن هذا الحدث قد أدى إلى مقتل ملايين, لا بل بلايين البشر ودمر مدناً بأكملها.
بداية ما بعد النهاية
يمكنني الآن أن أمضي قدماً وأبدأ بالحديث عن فيلم لابوتا, ولكن هنا تصبح الأمور معقدة قليلاً. إذ أن الكارثة التي سببها فيجيموتو كان لها تأثيرات مختلفة, وفقا للمناطق المختلفة. ففي بعض المناطق, لم يؤثر ذلك على حياة الناس مطلقاً, كما في البلدان ذات المساحات الكبيرة غير الساحلية. ولكن, بالنسبة للبلدان الأصغر, يمككنا أن نتوقع أن هذا الحدث كان عبارة عن كارثة طبيعية أعادت البشر مئات من السنين إلى الوراء. في هذه النقطة نعود فرعياً وبشكل مؤقت إلى الماضي حيث تجري أحداث فيلمي الأميرة مونونوكي ولابوتا.
منطقة مونونوكي:
إن هذه المنطقة تعد مثالاً على البلدان ذات المساحات الأقل لليابسة. في مناطق كهذه أجبر الناس على البدء من جديد وبما أن تعداد البشر انخفض فقد عادت البيئات الطبيعية للنمو مما سمح للحيوانات بالتكاثر من جديد والازدياد بحيث أصبحت حاضرة في الأماكن التي بدأ البشر الذين بقيوا على قيد الحياة بالعيش فيها جنباً إلى جنب مع هذه الحيوانات, حتى أنهم بدؤوا بتقديسها. هنا تدخل قصة الأميرة مونونوكي إلى المشهد. لكي نلخص القصة, فإنها تتناول أشيتاكا الذي أصيب بلعنة من قبل عفريت ويتوجب عليه أن ينهي الحرب الدائرة بين البشر وأرواح الغابة. يريد البشر الموجودون في (أيرون تاون- أو مدينة الحديد) أن يدمروا الغابة لكي يتمكنوا من إيجاد أماكن جديدة للزراعة وتطوير حيواتهم. ولكن هذا يهدد أرواح الغابة لذلك يقومون بإرسال محاربيهم للدفاع عن الغابة. ورغم أن هذا الفيلم يمتلك عناصراً توجهه إلى فترة موروماشي من التاريخ الياباني (حوالي 1337 إلى 1573), إلا أن هذه النظرية تقترح أن أحداث هذا الفيلم تعقب أحداث بونيو بمئات السنين. إن الدليل على ذلك يكمن في الإشارة إلى أيرون تاون, المنشأة قرب المحيط. إنه لمن المنطقي أن يكون الأشخاص الأكثر تطوراً تكنولوجياً هم الذين عاشوا في المدن القديمة. ولكي نلخص القصة: نعم, احذروا ,معلومات قد تفسد المشاهدة, تفوز الحيوانات والأرواح بالمعركة. إلا أن هذا يشكل مقدمة لنهاية الخط الزمني, ويمثل المرة الأولى التي تتغلب فيها الطبيعة على البشر. سوف نرى أمثلة أخرى لاحقاً, في أزمنة لاحقة على الجدول الزمني.
منطقة لابوتا
من الواضح أن الكارثة التي حدثت في فيلم بونيو كانت ذات تأثير مهم على العالم بأسره, ولكن كما ذكرت مسبقا, فقد أثرت في مناطق أكثر من أخرى. كاستجابة على ارتفاع منسوب المياه, من المحتمل أن الناس أنفقوا الوقت والموارد لتطوير تقنيات تمكنهم من الحياة بعيداً عن الأرض في السماء, كما هو الحال في قصة لابوتا: قلعة السماء. في محاولة مني لتجنب ذكر الكثير من المعلومات التي ستفسد الفيلم على من لم يشاهدوه بعد فلن أتطرق كثيراً إلى القصة إذ أنها لا ترتبط كثيراً بالجدول الزمني. ولكن ثمة بعض الأشياء التي ينبغي ذكرها. أولاً, رغم وجود العديد من المدن الطافية في السماء, فإن كارثة ما قد حدثت, مما أجبر البشر على العودة للحياة على سطح الأرض, إلا أنه لا يتم وصف هذه الكارثة بدقة (ولكننا سنقوم بذلك قريبا). ولكن العديد من التقنيات بقيت في المتناول من الطائرات التي يستخدمونها إلى التكنولوجيا المتطورة التي شاهدناها في لابوتا. ثانياً, يتم وصف لابوتا بأنها تمتلك تكنولوجيا قوية وقديمة (سيتم مناقشة ذلك أيضا في القسم القادم).
ناوسيكا من وادي الرياح
إن هذا هو ختام الخط الزمني. لكي نصف الأمر بوضوح: هذه القصة هي ما يحدث عندما يتقابل عالم البشر المزدهر (عالم لابوتا) بعالم الأرواح المزدهر (عالم الأميرة مونونوكي). في بداية القصة, يذكر أن ألف سنة قد مرت منذ "أيام النار السبعة" وهي حرب كارثية تسبب بدمار الحضارة البشرية ونشوء الأدغال السامة. تبدو هذه الحرب الكارثية ملائمة لتكون الكارثة التي أشير إليها في فيلم لابوتا! نحن الآن نملك مرجعية زمنية يمكننا أن ننطلق منها. إذا فإن أحداث ناوسيكا من وادي الرياح جرت بعد 1000 سنة من أحداث فيلمي لابوتا والأميرة مونونوكي. الآن بات لدينا أدغال سامة كما تقوم أرواح الغابة بإطلاق حشرات ذات أشكال فضائية, قادرة على إحداث دمار على مستوى هائل. ورغم أنه لا يزال يوجد بعض البشر الذين تعلموا أن يعيشوا بتناغم مع الغابة (وادي الرياح), إلا انه يوجد أيضاً بالطبع مناطق أخرى حيث لا يرغب البشر بالعيش بتناغم مع أدغال سامة, على سبيل المثال, االتولميكيانيون, الذين يخططون لتدميرها بواسطة محارب قديم. يمكن استنتاج المزيد من الارتباطات عندما تتضرع الأميرة بيجيتي إلى ناوسيكا لكي تقوم بتدمير الكارجو قبل أن تموت. إن الكارجو هو جنين المحارب العظيم, وهو عبارة عن أسلحة بيولوجية مميتة مصنعة بالهندسة الوراثية والتي تسببت بحرب الأيام السبعة للنار. إن هذا قد يكون تلميحاً عن التكنولوجيا القديمة التي أشير إليها في لابوتا. ومن خلال تطور الأحداث في الفيلم نرى الناس في وادي الرياح يحاربون التولميكيانيين خشية منهم من أن مهاجمة الغابة سوف يقود إلى إطلاق الويلات, ويحدث هذا فعلا, حيث يقوم ال؟؟؟؟ بتخريب الأراضي؟؟؟. في النهاية, يتوصل البشر إلى عقد سلام مع الأوم, ولكن تبدو هذه القصة عبثية إذ أن الأدغال تبقى في النهاية, والحقيقة المحزنة هي أن هذه الأدغال ستستمر بالنمو , وستدمر سمومها البشرية. وإن كان ثمة سلام حاليا, فإنه لن يدوم إلى الأبد, سوف ينتهي قريباً, وستكون الأرواح هي كل ما سيتبقى.
خاتمة
مرة أخرى, إن هذه مجرد نظرية! إن عالم ميازاكي غني بالتفاصيل, ولكن ما يجعل أفلامه جميلة ورائعة للغاية هو أنها تلعب مع خيالاتنا. يمكننا تفسير أعماله بأي طريقة نحب, وما أريد قوله من خلال ذلك, هو أن أستوديو غبيلي أنتج أكثر الأعمال امتاعا على الإطلاق.
___________________________________________
** سلمى كيخيا - مترجمة سورية
* رابط المقال الأصلي (https://moviepilot.com/posts/2766620)
* الصور من الانترنت.