أنا وأنايَ في مرآةٍ
ورقعة شطْرنج بيننا
وعشرُ جماجمَ من أسلافي
جفَّتْ من محاجرها الحكمة
تنتظرني أن أُجْهز عليّ...
أنا النّور الذي اغتال الفراشات وهنَّ بناتي
كمدينةٍ نائمةٍ فجرُها ينتظر الجوع
ليودعه عيون الأطفال...
أنا منْ يُطعم العصافير النافقة
لأكَفِّر عن خطيئة قتْلها على الشجرة
هلْ أنا بلا ضميرٍ أم بلا عقل!.
أجُسّ نبض الطين
أزْرع برزخي فوق الرايات
تتكوّن في أحشاء الرّحى
كلّ وجوهي المتنازعة
وتُزهر بضدِّها...
أبثُّ جنودي على الرقْعة
ماتادور يراقص الهرب
وسيزيف الذي يحمل لعنته ولا يبالي
عُصبةٌ من أحجار الدّومينو لتسقط في سورياليّة السّواد
عُمّال المناجم لأنهم لا يفقهون هاجس النّور
عروس النّهر بزينتها قرباني للآلهة
وظلٌّ قديم أخْنقه بيديّ...
أحْتسي بعض السهاد
وأصافح تجّار السّلاح
أحرّك بيْدقين نحوي
وأتوارى خلف أكلة لحوم البشر...
أضع قناعي على وجْهي
ريغوليتو الأحدب أضحك على لعنتي
عيْناي بلَّوْرتان في مجاز الخواء
أضع قناعي عن وجهي
وأغمز لسيرك اليباس
ألّا يقْطع صلاة الخبز...
أختار خطواتي لأتخبّط
كعشْوائية جبلٍ اختار عنكبوتاً
ليكون شفيعاً بين مزْق ضلوعه...
صرتُ سبارتاكوس وحيداً بين عهود القراصنة
حين استأصلْتُ والدة نيرون منّي
لمْ أكن لأدع مُلكي لها
هلْ أتاك نبأ لعنها إيّاي وهي تموت
هل رمَقك ساعي الكوليرا وهو ينهش أبنائي
أنا من بدأْت الشواء عرْفاناً في تأْبين أبي
بلحْمِ... أظنّكَ عرفت حين استطبْته!.
أنا من اشْترى صوْت النّاس
ووأدْتُ صوت العقل
أنا من منحهم الجوع
ليمنحوني القوّة...
ألا ترى حريق روما وأوْسمتي؟
ألا تسْتمع لغنائي حين ينسرب بين أصابعك نواحهم!.
أنا وأنايَ ورقْعةٌ جرداء
وسيدوري تمنحني كأساً وتهمس
عِشها ذي الحياةَ معك..
جماجم الأسلاف ترقبني وتنتظر
أخاف الموت وما أنا إلاّ منْتحِر...
تبْقى المرآة وجثّة
مضرّجاً بعبثيّتي
ملطّخاً بحماقتي
الكلّ شهودُ عليّ
وكفني
معاهدة سلامٍ باليةٌ
كحِذاء...
___________________________
** عزيز حزيزي - شاعر يمني.
*اللوحة للفنان الهولندي فينسنت فان جوخ.