اليوم تبلغ علاقتنا عمر الـ4 أشهر.
هل تذكر لقاؤنا في 23؟
كان عيد مولدها في 30 الشّهر. الساعة الخامسة بعد الظهر يحبّ أن يقرأ.
تسهر حتّى الخامسة فجراً، ويستيقظ 11 ظهراً.
تأتي من العمل عند السّاعة الثالثة وتدخل غرفتها، لا تحب أن يزعجها أحد، ولكنني سأكلّمها.
تحدثنا 3 ساعات متواصلة على الهاتف.
13 آذار تشاجرنا ودوّنت كلّ يوم من دونه. إلى أن عدت اليها، 25 من الشهر نفسه بعدسنتين.
دامت قبلتنا 26 دقيقة. أغمرها ساعة وكأنّها نصف ثانية.
نظرت إلى عينيه وغرقت حوالي ال10 دقائق من دون أن أستمع إلى كلّمة واحدة مما قال.
وتقولون لي 14؟
14؟!
كيف استطاع صاحب يوم ال14 أن يفصح عن هذا الرّقم المميز، ويعمّمه على الجميع، فيصبح عيد كلّ، كلّ، كلّ العشاق. كيف أصلًا أصبح للعشق عيدًا! ليس هناك أي سحرلعيد العشاق.
كلّ الشوارع المصبوغة بالأحمر والهدايا الكبيرة وعجقة تحضير المفاجآت لا تستهويني.
لا أعرف ان كانت الأنانية هي من يجعلني أريد الاحتفاظ بالتواريخ والأرقام المميزة لي وحدي فقط، وفكرة مشاركتها مع أحد غيره "هو"، ضميرًا غائبًا كان، مقدّرًا أم ظاهرًا، -مستترًا (ربّما)-، فكرة مزعجة. الابتذال أو الابتكار في هذا العيد، لايعنيني. ولكنّني لا أستطيع أن أستخفّ بالتاريخ.
فـ14 رقم مميّز، لأحدهم. أما أنا، فلديّ جرعة من الأرقام تكفيني لأكتب روايات حتى السنين العشرة المقبلة.
خطيرة هي الأرقام عندما نتعلّق بها، تتحكم بنا رغمًا عنا.
ففجأة، يصبح لكلّ التواريخ معنى. نحن من قسّمنا اليوم إلى ساعات وحددنا معنى الليل والنهار، ننتظر تاريخ، ليعطي معنى لأجزاء منحياتنا. وفجأة، بضربة عشق، تحبس كلّ الأرقام لحظات لن تعود ثانية. هذا الحبس-الخلوة، حقيقي، ويصعب طلب اخلاء سبيل منه.
وكأن لحظات العشق هذه، اذا تُركت من دون اطار وقتي تختفي في اللاشيء، وتجرف معها الأشخاص والنظرات ودقات القلب واللمسات، والشعر والعطر، وحتى الذكريات.
علاقة غريبة بالأرقام تجعلك تغضب اذا حل المساء ولم تتلق اتصالًا، وتستاء اذا تأجّل موعد اللقاء ساعتين، وتحبط ان فرّقت 7 أشهر من السفر بينكما. علاقة غريبة تجعلك تموت في السيارة لأنك لا تريد العودة إلى المنزل عند الساعة الثالثة فجرًا، لتعود وتتذكر، أنك ستعيش في انتظار اللقاء المقبل.
لا أستطيع أن أستخف بتاريخ مستبد يخضعني لأحاسيس كانت غائبة عني لوقت طويل. وتاريخ يستحضر بسمة بلهاء على وجهي وسط نهار كئيب، وآخر يجفّف حنجرتي، يثقل لساني، ويعصر قلبي من شدة جفائه وقسوته. وتاريخ يغمرني بسلام ودفء لمجرد لفظه على لساني. اذ لفظ هذا التاريخ يجعلني المادة التي تنبعث من عصا هاري بوتر.
تنقلني الثواني إلى أماكن تركت نفسي بها، وأماكن تسافر نفسي إليها. تواريخ سارقة تبدأ من نهاية البدايات، إلى بداية نهاية جديدة، إلى نهاية بداية، إلى أن ترسي في استمرارية أو انقطاع أو لا أعلم.
تواريخ سارقة تبدأ من الكاف، تصل إلى الألف، وتتنقّل في فضاء ال"أحبك".
تبدأ من "كم من مرة قمنا بهذا وذلك"، كؤوس شربناها، كبرنا معًا، كثر بيننا الكلّام والصمت.
تبدأ من كيف كنا، من الكلّمات التي قلناها أو عجزنا عن قولها...وتصل إلى: أين آل بنا قطار الحب، وإلى أعرفك، أريد أن أكون وأبقى معك. تصل إلى "أتمنى أن..."أو "إلى الأبد".
أو إلى "انتهى كلّ شيء"...
الكاف هي الماضي الذي وصم تاريخًا، والألف هي الآن، هي غدًا.
كيف للعشاق عيدٌ! أرفض حتى أن يكون هذا العيد في الجمع. ربما يكون اسمه عيد العشق،أو عيد الشغف، أو عيد الحب...واذا كان العيد، عيد الحب، فالأحمر والدبدوب قليلين عليه.
للعاشقين أعياد، كطقوس مقدسة لديانة سرية: لا أحد يفهم ما هي.
أصلًا من يفهم العاشقَين؟.
__________________________
** اليسا المدور _ صحفية لبناينة.
*العمل الفني للفنانة "أغنيس سيسيل".