01 Jun
01Jun

ما قدمه صالح وداوود الكويتي (يهوديان عراقيان ولدا في الكويت  - صالح (1908 ومات في 1986) وداوود (1910 ومات في 1976)، في أربيعنيات القرن الماضي، حيث اعتبرا صانعي النجوم وواضعي اللبنة الأساسية لشكل الأغنية العراقية في الزمن الجميل، حيث وصل عدد المطربات العراقيات في تلك الفترة إلى أربعين مطربة وبدأ المقام معهما يرسم ملامح الهوية والبستة تأخذ طابعها الشعبي الجميل.

من البداية المبكرة، وتأثرهم الواضح والشغف في الموسيقى، رُسمت ملامح صالح عازف الكمان وداوود عازف العود، ومرافقتهم المطرب الكويتي "عبد اللطيف الكويتي" إلى البصرة، كانت بداية الدخول في الأجواء الفنية العراقية، فانطبع اسم الأخوين الكويتي في ذاكرة أهل البصرة عام 1927.

من ملهى الهلال عام 1929 انطلق الأخوان، وكانا عازفين في الفرقة هناك، إلا أن العمل بنصيحة الفنانة "سليمة مراد"، والتي قالت بأن صالح يجب أن يقدم ألحانه لبعض الأغاني، فكانت البداية مع كلمات الشاعر "عبد الكريم العلاف" والبداية مع "هوّه البلاني" وغنتها "أنوار عبد الوهاب"، ذوب و تفطر (آه يا سليمه) و قلبك صخر جلمود"  وقدمتهما "سليمة باشا مراد"، منك يا اسمر وغناها مطرب المقام "يوسف عمر"، وكثير من الأغاني التي أصبحت انطلاقة الاخوين نحو التلحين وتقديم فن منقطع النظير في ما يمكن تسميته صحوة الفن العربي سواء كانت مصر أو سوريا أو العراق.

وفي العلاقة مع محمد القبانجي، اشتركا معاً لمدة شهر، بعد أن أخبره صديق والدهم أن لديه عواد وكمنجاتي يصلحان للمهمة، فكانا مع عازف القانون "عزوري أبو شاوول" وكان متخصصاً في المقام العراقي، فأثر بهما في خطوهما نحو صناعة الأغنية العراقية الجديدة.

فيما تركه صالح الكويتي من أثر خارج الكويت كان لقاؤه مع الموسيقار "محمد عبدالوهاب"، حين قدم بغداد عام 1932 لإحياء عدة حفلات هناك، فأبدى إعجابه بالألحان العراقية وتم تقديم النوتات وتبادلها، وعمل "الكويتي" على تقديم  لحن اللامي الذي وسعه كذلك، حيث يمكن القول أن هذا اللحن كان عراقياً خالصاً، لم يكن معروفا خارجها، وقد قدمه عبد الوهاب  في تلحين أكثر من أغنيةٍ من أغانيه لاحقاً.

لم يكن قدوم عبد الوهاب المحطة الوحيدة التي شهدها ذلك الملحن، قدمت أم كلثوم عام 1933 وسألت أي الأغاني العراقية شهيرة اليوم؟، فكان الجواب : قلبك صخر جلمود، وأصرت على تقديمها، بدأت سليمة مراد وصالح الكويتي بتعليم الست الكلمات واللحن، وأمسكت أم كلثوم عودها وبدأت برسم خطو تقديم الأغنية، فقدمت أم كلثوم الأغنية التي كانت المرة الوحيدة التي يكون فيها غناء أم كلثوم لملحن غير مصري، وغنتها في كل حفلاتها في بغداد.

ثم ساعدا زكية جورج وسلطانة يوسف وبدرية أنور وغيرهن في تقديم أغانٍ عبرت أبعد من العراق، فغنى كثيرون "يا أم العباية حلوة عباتك" في لبنان وسوريا ودول الجوار، ونبعة الريحان و الهجر مو عادة غريبة ويا هالخلق وغيرها من أغانٍ من ألحان الكويتي، اللحن الأول.

اعتمد صالح الكويتي رئيساً للفرقة الموسيقية العراقية في الاذاعة الرسمية ( 1936 -  1944) وبقي يقدم بعد الاستقالة برامجاً خاصة في الإذاعة.

"عليا وعصام" كان أول فيلم يقدم الكويتي موسيقاه التصويرية عام 1947 من بطولة إحدى أهم رفيقات الدرب "سليمة باشا مراد" والتي غنت جميع أغاني الفيلم.

رحلة الأخوين الكويتي انتهت عام 1951 حين تم إسقاط الهوية عنهما بسبب الخلاف العربي الاسرائيلي، وتمت المغادرة والرحلة إلى الأراضي الفلسطينية.

نهاية حقبة التأسيس ووضع الخطوات الأساسية للأغنية العراقية انتهت بالنسبة للأخوين في ذلك العام، وكانت الشهادات بنجاح تجربة آل الكويتي تقدم إلى يومنا بما توارثه العراقيين والعرب من ألحان، ولو لم يكن بالتكريم المناسب لاسم الأخوين.

يروي شلومو (ابن صالح الكويتي) :
أن بسبب المعاداة لإنشاء دولة لليهود من قبل العراقيين أضطر والدي وعمي للهجرة إلى إسرائيل حاملين معهما خيبة الأمل لترك موطنهما وتراثهما وزاد من أساتهم هو رفض الإسرائيليين لموسيقاهم العراقية لأنها كانت تمثل "موسيقى الأعداء"... وبدلاً من أن يقوما بالعزف في المسارح الإسرائيلية أصبحا يعزفان في حفلات الزواج وأعياد الميلاد والأعياد اليهودية وسط مجموعة من الناس تلهو وتأكل وتشرب دون الإكتراث لعزفهما ... أما خيبة الأمل الأخرى التي صدمتهم هو بسبب تجاهل اسم العائلة في الإرث الموسيقي الذي قدمته العائلة للعراق فيزعم شلومو أن والده أسس 90% من الموسيقى الشعبية العراقية ... ولكن الحكومة العراقية الحالية نسبت تلك الموسيقى والأغاني القديمة التي يرددها العراقيون لغاية الآن للفلكلور القديم ولم تنسبها إلى صالح وداود الكويتي .

((إن صالح الكويتي يعتبر مؤسس الاغنية العراقية، وعلى الرغم من أنه بدأ في الثلاثينات إلا أنه يعتبر المؤسس وواضع الأسس والقواعد للأغنية العراقية، والذين جاءوا بعده من الملحنين أخذوا على نهجه ومدرسته في التلحين والصياغات اللحنية والايقاعية، وهو كان أول من أسس الأغنية المأخوذة أساسا من المقام العراقي.))
المايسترو عبد الرزاق العزاوي - برنامج "الأغاني" - تلفزيون الحرة عام 2005".

تم عمل هذا الموقع بواسطة